الثلاثاء، 18 أكتوبر 2016

مشكلة فتاة: كيف أتغيَّر للأفضل وأنجح فى حياتى




أنا طالبة جامعية كنت متفوقة، ولكن في السنة الثانية من المرحلة الثانوية لم أحرز مجموعًا كبيرًا، فتغيرت حياتي للأسوأ وكنت راغبة في دخول كلية الطب، أو الصيدلة، ولكن لتدني مستواي لم أدخل إحداهما..كنت أرغب ارتداء الحجاب ولكن أهلي قالوا لي بعد أن تخلصي الجامعة.. علمًا أنني أبكي من خشية الله، وأحب الرسول وأهل الذكر والتقوى.. ولكن رغم هذا لم أوفق في كثير من أمور حياتي، وكلما أطلب حاجة يحصل لي غيرها..فهناك طلاب التحقوا بكليات عادية وأصبحوا نجومًا وأساتذة جامعيين فلِمَ لا أكون مثلهم؟ فأنا أكره الكلية التي أنا بها لأنها ليست رغبتي.. أرشدوني ماذا أفعل؟




قرأت رسالتكِ المفصلة، وأسعدني أشياء وآلمني أشياء أخرى، أسعدني ما أحسست به من النزعة الدينية، والرغبة في الستر بالحجاب الإسلامي، وأعجبني إلى حد ما موقف الأسرة حيث إنها لم ترفض كما يفعل الكثيرون، بل أرادوا أن يضمنوا نُضْجَ تفكيرك وتمام اقتناعك، ولو أنكِ تمسكتِ برغبتك ما رفضوا هذا المطلب، وهذا دليل على أنكِ نشأت في بيئة طيبة محافظة وتلك أكبر نعمة من الله.وأسعدني أيضا رقة القلب التي حباكِ الله تبارك وتعالى بها، والْمُمَثَّلة في رهافة الحس والبكاء من خشية الله وحب الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحب أهل الذكر وأهل التقوى، وهذه نعمة أخرى كبيرة منَّ الله سبحانه وتعالى عليكِ بها. ولكن آلمني كثيرا ما قلتيه إنكِ تهاونتِ في المذاكرة في المرحلة الثانية من الثانوية العامة؛ لأنكِ على حد قولك لم تحصلي على مجموع في المرحلة الأولى وكنتِ متفوقة وبناء عليه تغيرت حياتك من سيء لأسوء: مِنْ كرهك للجامعة التي التحقتِ بها والانعزال عن أصحابك رغم أنكِ كنتِ اجتماعية كما تقولين، وأصبحتِ لا تحبين أحدًا ولا تثقين في أحد، والله أعلم ماذا سيكون شكل المرحلة القادمة من حياتك إذا لم تسارعي بالتغـيُّر لأن الصورة أمامك الآن مشوشة. وكما تقولين [كلما تطلبين حاجة تجدين عكسها] وهذه نتيجة منطقية لما أوصلت نفسك إليه، سامحكِ الله. وأنصحكِ بالآتي: المفروض على كل مسلم أن يحسن الظن بالله، وخصوصًا إذا كان قد أحسن العمل؛ لأن عطاء الله لا يقف عند كلية معينة، فإذا كنتِ حقا أديتِ ما عليك، فلا بد أن تعلمي جيدا أن الله سبحانه وتعالى أراد لكِ الخير في مكان آخر غير الطب والصيدلة.
وتقولين لنفسك: إن هناك طلابا التحقوا بكليات عادية، ومعاهد متوسطة، وأصبحوا نجومًا فيها وأساتذة جامعيين، فلم لا أكون واحدة منهن، وخصوصا أنني مجتهدة ومتفوقة منذ الصغر، ولكنكِ لم تَصْدُقِي الله، فلم يَصْدُقْكِ الله، ويئستِ من أول جولة، وتركت الملعب برمته، وهذا ضعف وقنوط، وهذا ليس من الإيمان؛ لأن المؤمن قوي بثقته بالله أولا، ثم ثقته بنفسه، وربما كان هذا بسبب الصراع النفسي الذي بداخلك. وأنتِ أيتها البنت الغالية، تريدين أن تكوني مؤمنة قوية، وما فعلتيه من تهاون ويأس وقنوط من رحمة الله تبارك وتعالى يجعلك مؤمنة ضعيفة، ويجعلك لُعْبَةً في أيدي الشيطان، يُكَرِّهكِ في هذا ويُخَوِّفكِ من ذاك ، ويُسَلِّيكِ ويضحككِ ، والله أعلم ماذا بعد هذا؟ ...ولكنكِ يا بنيتي -لأن أصلك طيب- بادرت بطلب النصيحة، وهذه أول خطوة في العلاج: فقومي يا بنيتي أولا بغلق كل مداخل الشيطان ووساوسه وقَوِّي إيمانك، وتقربي إلى الله بالنوافل، واجعلي لكِ وِرْدًا يوميًّا ولو نصف ساعة تنقطعين فيها لذكر الله وقراءة أو تعلم القرآن. قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا" [الشمس:7-10].وتزكية النفس يا بنيتي لا تكون إلا بتذوق حلاوة الإيمان، والإيمان قول وعمل يزيد بزيادة القول والعمل وينقص بنقصهما. وبعد تزكية النفس وغلق مداخل الشيطان، انهضي لعملك وكُلِّيَّتك ومذاكرتك، واعتبري هذه الكلية هي اختيار الله لكِ، ولا بد أنه يعلم أن فيها الخير، فلماذا لا تسعين إلى قمة الخير في هذه الكلية، وتُواصلين دراستك بعد الانتهاء منها، وكلك ثقة وأمل وحسن ظن بالله. فهذه هي الدوافع الحقيقية التي لا تجدينها الآن، والتي سوف يؤدي إيمانك بها إلى تغيير كلي في أمور حياتك وفي علاقاتك بأسرتك وأصحابك وأقاربك وزوجكِ في المستقبل العاجل بإذن الله، وسوف تزول العصبية؛ لأن قوة الإيمان تشرح الصدر وتُعَلِّم الصبر، وتأتي بخيرَيِ الدنيا والآخـرة. قال الله تبارك وتعالى: "وَالْعَصْـرِ * إِنَّ الْإِنْسَـانَ لَفِي خُسْـرٍ * إِلَّا الَّذِيـنَ آَمَنُـوا وَعَمِلُـوا الصَّالِحَـاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" [العصر:1-3]. والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم وهو ولي التوفيق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق